--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمضي بنا الأيام وتتوالى، ومع كل إشراقة فجر جديد، أرى السيارات بدأت بالهدير وتغدو مسرعة، الجميع يريد أن يلحق بعمله، ولكن لحظة ...
لا ليس هذا ما أردت أن أكتبه لكم، أردت أن أضع بينكم حقيقة واقعه أليمة غفلها الكثير وأهملها الكثير، قليس كل من عمل هو ناجح أو رابح، حتى لو كانت الأموال تدر إلى جيوبه كالسيل...
لقد أصبحنا في زمن الحكيم فينا حيران، وهو ما يفسر الفتن التي نعيشها، لا ليس من باب الحسد أكتب، ولكن الواقع أن الغرباء في هذا الزمن ما يفكرون به وما ينظرون إليه هو أبعد من مجرد أموال دنيوية...
حين أخذت مصالح الفرد تسيطر عليه، بدأ الإختلال في النظام الإقتصادي برمته، نسي المدير بأن الموظف الذي يعمل لديه هو في الواقع شريكه في العمل، فبدأ بأكل حقه حتى أصبحت المحاكم منشغله بمثل هذه القضايا والقضايا المختلفه...
أستذكر قصة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء شاب إليه وقال له: يارسول الله ، كنت اقوم بعمل سور حول بستاني فقطع طريق البناء نخله هي لجاري
طلبت منه ان يتركها لي لكي يستقيم السور ، فرفض ، طلبت منه ان يبيعني اياها فرفض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناديني به
وحينما جاء الرجل سأله الرسول صلى الله عليه وسلم : لم لا تبيعه الشجرة أو تتركها له؟
فرفض الرجل
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بع له الشجره ولك نخلة في الجنة يسير الراكب في ظلها مئة عام
فرفض أيضا
فقام صحابي جليل معروف بشهرته وهو أبا الدحداح وكان لديه بستان من النخل كبير فقال للرجل بعني الشجره بهذا البستان
فوافق الرجل وهو فرح لأنه باع شجرته ببستان كبير
حينها أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم، ربحت البيع أبا الدحداح، فسأله أبا الدحداح هل لي شجرة في الجنة يسير الراكب فيها مئة عام؟
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لا بل لك مئة شجرة،
الله أكبر
الحمد لله على نعمة الإسلام
إخواني الكرام -
جميعنا يعلم بهذه القصة، ولكن من منا فهم العبرة منها حق الفهم؟
ما أردت أن أكتبه هو أن كيف على الناس إبتغاء مصالحهم على حساب أذية أناس آخرين؟
هنا يكمن جوهر الكلام، كم وكم من الناس .... الأمثلة والله كثيرة
كم من الناس أهمل هذه الملاحظة؟ حتى أنه أصبح لا يأبه بغيره
يقوم بمصالحه دون أن يفكر حتى بأنه قد يكون هناك رجل بالمقابل وقد يتسبب بأذيته من هذا العمل
وحينما يأتيه الرجل لا يكترث له إطلاقا... إطلاقا
قد يقول أحدكم حقه، كما هو حق ذلك الرجل الذي أبى أن يبيع الرسول صلى الله عليه وسلم شجرته
نعم حقه ولكن في الإسلام هناك ما هو أجمل وأسمى من مجرد مصلحه دنيوية، وعلينا جميعا أن نقتدي بها، فالؤمن الذكي من يعمل لدنياه ولآخرته
ها هو أبا الدحداح باع بستانه كله فمن الرابح ؟؟
جوانب كثيرة أهملها المسلمين .... تعس عبد الدينار وعبد الدرهم ... ربح البيع أبا الدحداح
الدين دين معامله- حتى في التجارة - وأكبر دليل هو انتشار الإسلام ودخول الناس إلى الإسلام أفوجا - بالأخلاق الحسنة - وبالمعاملة الحسنة - دخل الإسلام إلى قلوب البشر
ضعوا القوانين التجارية على الرفوف، وليحكم كل منا ضميره إنطلاقا من ديننا الإسلامي الحنيف، حتى في القوانين ونحن نعلم جيدا، الكثير من رجال الأعمال لا يلتزم بها، وإنتشرت الرشوة، وظهر الفساد في البر والبحر، إلا أنني موقن حق اليقين، بأن العاقبة للمتقين، وثباتي على هذه المبادئ، وإنطلاقا من قناعتي بها، سأعمل بكل جهد عليها، هذا هو الفوز الكبير، و لكي يقول لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حوضه الشريف، وأنا أشرب من يديه، ربحت البيع يا فلان...
وأسأل الله العزيز الرحيم أن يردنا جميعا إلى دينه ردا جميلا
وأن يغفر لي خطاياي، إنه سميع قريب مجيب الدعاء